أبحث في إطار القيام بمشروع يتناول الأسماك عن طريقة بسيطة لإبراز وجود الأكسجين (أو الغاز) المذاب بالماء؛ ولقد تم اقتراح عمل تحلل كهربائي (والذي يعد عملية صعبة بالمرحلة الإبتدائية)؛ فلا أتخيل وضع سمكة بالماء الغازي أو المغلي! وآخر فكرة حصلت عليها كانت فكرة النبات المائي الذي تتكون الفقاقيع على سطح أوراقه (نعم ولكن بالماء الذي لا يحتوي على النبات لا نرى تلك الفقاقيع).
إن هذا السؤال سؤال صعب، كما أن هناك لبس في الطريقة التي تم طرحه بها؛ حيث يتحدث المعلم عن "إبراز وجود الأكسجين (أو الغاز) المذاب بالماء"؛ والمشكلة تكمن في (أو الغاز): ففي الواقع لا يعد الأكسجين غازا قائما بذاته مثله مثل كل الجزيئات المجمعة التي قد تكون في صورة غازية أو سائلة أو صلبة تبعا للحرارة والضغط؛ وعند وجوده مذابا بالماء فلا يكون في صورة غازية بما أنه مذاب! فالأمر يتعلق إذا بجزيئات الأكسجين الفردية المشتتة بجزئ الماء وليس بجزيئات الأكسجين المنتشرة بالفراغ حتى يتم تعريفها على أنها غاز أكسجيني؛ وينبغي إجراء تجربة كيميائية هنا بما إننا نحاول إثبات وجود نوع معين من الجزيئات؛ فإذا اعترفنا بحاجة السمك إلى الأكسجين ليحيا وإذا لا حظنا عدم صعوده إلى السطح ليتنفس فسيكفي استمراره في العيش كبرهان على وجود الأكسجين... ولكن يجب الوثوق في علم الأحياء؛ أما فيما يتعلق بتجربة النبات فلست واثقا على الإطلاق من إثباتها لأي شئ بل على العكس ولكنني لست عالم أحياء وبالتالي فقد أخطئ؛ ومع ذلك سأجازف: أولا من الخطأ أن نقول أن في حالة عدم وجود النبات لن نشاهد فقاقيع؛ حيث نشاهد بكل الأواني التي تترك وهي مملوءة بالماء (حتى الماء الذي لا يحتوي على غاز بالتأكيد!) لفترة طويلة فقاقيع الغاز المذاب في الأصل (سواء كان أكسجينا أو غيره) "تنمو" على حدود السطح مما يسهل تضخمها؛ ويمكن أن نلاحظ أن الفقاقيع تتكون وتضغط في السائل فوق أي شائبة أو بادئة تماما كما تترسب قطرات السائل بالغاز أعلى الشائبة (انظر الطرق المستخدمة لعمل المطر أو المدافع المضادة للثلج)؛ ثم إذا شاهدنا الفقاقيع فوق أوراق النبات فمن المحتمل أن تكون ناتجة عن تنفس النبات (وأن يكون ذلك ثاني أكسيد الكربون)! ولا أقصد النباتات البلاستيكية بالتأكيد... باختصار لا أستطيع الإجابة... ولكن هناك شيئ مؤكد: إذا كان الأمر يتعلق بإبراز الأكسجين فسيعد هذا تجربة كميائية؛ أما إذا كان يتعلق بمجرد إبراز وجود جزيئات مذابة فيبدو لي من الصعب القيام بشئ آخر بخلاف ملاحظة ترسبها في صورة فقاقيع غازية في حالة البعض أو في صورة بلورات صلبة في حالة البعض الآخر (سكر أو ملح...)؛ فلم تعد مذابة إذا ولكن إذا أجزنا أن ظهورها في السائل ليس على سبيل المعجزة فسوف نتوصل إلى أنها كانت موجودة من قبل في صورة مشتتة داخل السائل. وأتمنى إنني لم أكن مبهما...
إن أسهل طريقة لإبراز وجود الغاز بالماء هي تسخين الماء! فبين80º و90º لا يغلي الماء ومع ذلك تظهر الفقاقيع على حواف الإناء؛ وهي لا تتكون من جديد إذا قمنا "بفصلها" أو إذا ثبتت درجة الحرارة؛ وتتكون تلك الفقاقيع من خليط من كل الغازات المذابة بالماء؛ وإذا أتيح لنا المزيد من الوقت فسيكفي ترك زجاجة مياه معدنية (غير غازية) معرضة للشمس حتى نشاهد ظهور مجموعة من الفقاقيع الصغيرة على الجانب المعرض للشمس؛ ويكفي كذلك رج زجاجة مشروبات غازية (زجاجة ماء به صودا أو غاز) لملاحظة وجود غازات مذابة بالماء! غير أن تلك التجارب لا تسمح بتحديد طبيعة الغاز المعني؛ وهناك تجربة أخرى في غاية الاقناع وهي تجربة الزجاجة الزرقاء: فعند رج إناء يحتوي على سائل بدون لون (محلول كربونات الصوديوم المائي (10جرام/لتر تقريبا) والجلوكوز (100 جرام/لتر) يقوم الهواء الذي يدخل بتحويل مادة (أزرق الميثيلين) الذي تم إضافتها إلى اللون الأزرق؛ مما يثبت إمكانية ذوبان الغازات؛ ومن الممكن أيضا إثبات أن الأكسجين هو المسئول عن هذا التلون ولكن يعد أكثر صعوبة؛ وانتبه فأنا أذكر تلك التجربة بغرض الإثبات وليس لإجراءها بالفصل! ومع ذلك فإن بإمكان معلم متمرس تنفيذها بالفصل إذا توفرت له الأدوات المناسبة؛ وباتباع نفس تلك الأفكار فإن حركة فتح النبيذ قبل شربه حتى "يتأكسج" تمثل نوعا من الإثبات "التجريبي" على إمكانية ذوبان الأكسجين بالماء؛ وكذلك الشاي المنقوع الذي يسود عند تركه طوال النهار بالهواء الطلق.
إليك التجربة التالية لاستكمال الإجابتين اللتين سبق نشرهما؛ وهو يتعلق بثاني أكسيد الكربون حيث أن قابلية هذا الغاز للذوبان عالية مما يسهل الإحساس به.
استكمالا للاقتراح الذي يتم استخدام الفقاقيع فيه يمكننا: القيام بتجربة "إظهار الفقاقيع: بدون غليان بواسطة إنائين مغلقين، يحتوي أحدهما على ماء مغلي والآخر على ماء مشبع بالهواء. مقارنة بين ظهور الفقاقيع الذي يسبق الغليان الناتج عن التسخين والماء الذي سبق غليه والماء "الطبيعي"؛ وقد تساعد تلك المقارانات على إقناع المشاهد؛ ويمكن لتوضيح وجود الأكسجين اللجوء إلى ظاهرة أكسدة مألوفة جدا: وهي تكون الصدأ؛ فإذا وضعنا قطعة من الحديد المطاوع مسمار مثلا أو نصل سكين قديم بإناء مغلق وبه ماء مغلي، وبنفس الإناء المغلق الذي يحتوي على الماء المشبع بالهواء، سنرى الصدأ وهو يتكون بالإناء الثاني (في الواقع فإن الصدأ سيتكون في الإناء الأول ولكن بطريقة أبطأ)، والمشكلة هنا تكمن في ظهور الصدأ في حالة الماء المغلي أيضا هذا لصعوبة تفادي دخول الأكسجين إلى المحلول؛ ومع تدبير بعض الاحتياطات ينبغي أن نشاهد على الأقل تفاوتا كبيرا بين سرعة ظهور الصدأ في الحالتين؛ فإذا قمنا بوضع المسمار بالإناء "المزال منه الأكسجين" عند انتهاء عملية الغليان الممتد، فسينبغي إغلاقه بإحكام على قدر المستطاع بسبب انخفاض الضغط نتيجة للتبريد؛ ولا أري طريقة أفضل للقيام بذلك؛ أما فيما يخص الحديد ينبغي اختيار أكثر المسامير "اعتيادية"؛ فمنذ عشرات السنين كانت السكاكين تتصف بسهولة السن والتغطي بالصدأ بعد بضع دقائق من غسلها لعدم تنشيفها في حينها؛ إن نوع عينة الحديد مهمة لتتبع عملية الأكسدة.